کد مطلب:306566 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:172

الباب بین الامس و الیوم


.. آو بهذه السهولة سیدتی تضرم النار علی باب دارك.

و أی باب، و أی دار؟!

اَو لم تكن فاطمة بنت نبیه، داخل هذا البیت؟!

الیست هی أشبه الخلق بنبیه الراحل؟! [1] والذین معها هم علی و سبطا رسول اللَّه و سیدا شباب أهل الجنة.

اوَ لیس علی وصیه؟!


اَما خاطبه سید الوری قائلاً له:

«أنت منی بمنزلة هارون من موسی إلّا أنه لا نبی بعدی»..

اجل سوف یضرم النار علی تلك الباب و ان كانوا.

(نعم) الباب التی طالما وقف بقربها المصطفی یدق حلقتها، و هو یستأذن علی أهل البیت فی فجر صباح كل یوم، حینما كان یرفع صوته بالدعاء قائلاً:

الصلاة یا أهل البیت: (إنما یرید اللَّه لیذهب عنكم الرجس أهل البیت و یطهركم تطهیرا) [2] .

هذا ما قد سمعه جل المسلمین من لسان نبیهم.

فیا للعجب..

انه لم یعتبر بهذا، و حتی لو انه قد سهی عنه فكیف له ان ینسی نبرات أُم سلمة زوجة رسول اللَّه التی ما زالت تحدّث بهذا الحدیث نفسه، والذی جعل منها كتلة من الحب المتوهج المكنون لآهل بیت محمد صلی اللَّه علیه و آله و سلم.

.. فما فتر لسانها ابداً و هو یردد هذا الحدیث و ینقله فی كل مجلس، و مجمع، إذ انها تفتخر أن آیة التطهیر قد نزلت فی بیتها، فهی تذكر (ان النبی صلی اللَّه علیه و آله و سلم كان فی بیتها فأتت فاطمة 3 ببرمة فیها حریرة فدخلت بها علیه فقال لها:

- ادعی زوجك و ابنیك- قالت:

فجاء علی و الحسن و الحسین 8 فدخلوا علیه فجلسوا یأكلون من تلك الحریرة، و هو علی منامة له، و كان تحته كساء له خیبری قالت:

و انا اصلی فی الحجرة فأنزل اللَّه هذه الآیة (إنما یرید اللَّه لیذهب عنكم الرجس أهل البیت و یطهركم تطهیرا) (قالت):

فأخذ فضل الكساء فغشاهم به، ثم أخرج یده فألوی بها إلی السماء ثم قال:


- («اللهم هؤلاء أهل بیتی و خاصتی فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهیرا». [3] «انا حرب لمن حاربهم، سلم لمن سالمهم، عدو لمن عاداهم»). [4] .

فاذا كان حدیث أُمّ سلمة لم یكن وافیاً بنظر الرجل، فكیف هو بعائشة ابنة الخلیفة الاول..

و التی یحدثنا الرواة الكثیرون، بحدیثها الذی قالت فیه:

خرج رسول اللَّه صلی اللَّه علیه و آله و سلم غداة و علیه مرط مرجل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علی فأدخله، ثم جاء الحسین فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علیّ فأدخله ثم قال:

(إنما یرید اللَّه لیذهب عنكم الرجس أهل البیت و یطهركم تطهیرا). [5] .

و ما كنَّ اُمهات المؤمنین یحدثن بهذا فقط، بل قد حدث به (عمرو بن ابی سلمة ربیب النبی، و واثلة بن الاسقع، و سعد بن أبی وقاص، و جعفر بن أبی طالب، و أبی الحمراء،


و ابن عباس، و سعید الخدری و عطیة). [6] .

.. اجل سدتی یا مظلومة محمد، المغصوب حقها، والمستخف بحرمتها، هذه هی الحقیقة التی حفظها و وعاها كل المسلمین... بل لشدة ما كانوا یتفاخرون بها متبجحین مع أهل الكتاب یهوداً و نصاری من ان اللَّه قد كرم نبیهم، و أهل بیته علی سائر الانبیاء و الرسل.

و لم یقف عند هذا الحد فحسب بل تعدی حتی دخل اسواق الادباء (نظماً و نثراً).

و من هؤلاء ما نقله (المغازلی الشافعی):


بأبی خمسة هم جنبوا الرجس

كراماً و طُهرَوا تطهیرا


أحمد المصطفی و فاطمة أعنی

و علیاً و شبراً و شبیرا


من تولاهم تولاه ذوالعرش

و لقاه نضرة و سرورا


و علی مبغضیهم لعنة اللَّه

و اصلاهم الملیك سعیرا [7] .


.. و هل بعد هذا و ذاك من حجة، لمن كان له سمع و هو بصیر.. و لكن یا سیدتی (الملك عقیم).

.. اجل الملك الذی جعل من الرجل یصیح منادیاً:- (اننی مضرمها).

.. فصاح صوت الزكیة برهبة:

.. فسرت رعشة فی جثة الرجل عندما تراءی من وراء الباب وجه كوجه


رسول اللَّه صلی اللَّه علیه و آله و سلم، رسمت علیه خطوط من الحزن و الألم.. و عیون تلمع بالدموع.. و فی جبینه المزدهر بالنور، عبسه فائرة.

فتوقفت عضلات الرجل، و اخذت یداه ترتجف، و كأن شیئاً اخافه فترك مكانه.. و مشی بعدة خطوات مترنحاً، و هو یری قومه قد مسهم ما مسه من الرُعب.. فترجعوا ادراجهم.. و هم یرون حیالهم صورة المصطفی.. اذ یطالعهم بنظراته فی وجه ابنته المثكولة البتول.

.. فغضوا الابصار.. و لا اعلم.. ان كانت من خزی أو عار.. و لربما من استحیاء.. فولت اذ ذاك عنهم عزمات الهوی فی القلوب.. و هم یشهدون الزهراء تتحرك بخطواتها الثكلی.. كالخیال.. ثم تقترب من ناحیة قبر أبیها رسول اللَّه، و كأنها تفضی له بعبراتها.. و ما تنی ترفع بصوتها المتكسر النبرات برقة و حزن و دموعها تنحدر من مآقیها:

(یا ابت یا رسول اللَّه).

.. فكأنما الارض زلزلت من تحتهم رهبة للنداء.. و ای نداء.. نداء فاطمة فلذة محمد و نور عینیه.. و هی تكابد الحسرات تستنجد أباها:

(یا ابت یا رسول اللَّه، ماذا لقینا من بعدك من ابن الخطاب و ابن قحافة)؟!! [8] .

فاستشاط الرجل، رغم ما كانت علیه نفسه من الرعب والخوف، فهو یشاهد دموع أصحابه المتجمعین حوله تجری علی خدودهم.. بل لربما تمنوا ان تنشق مواطی ء اقدامهم.. لیذهبوا فی طوایا الثری مغیبین.

ففتح الرجل عینیه بقسوة، و رشق قومه بنظرة شزراء یطویها خوف و ریب.

خوف من كلمات الزهراء «بل: «هی محمد» التی جعلت من امره منوطاً


بالتهدید و عدم الارتكاز، فها هم بشجاعتهم و جرأتهم یذبلون حیال ما رأوه و سمعوه، لكن نفس الرجل لم یقع فیها تأثر إلّا بهذا القدر الضئیل، الذی ما لبث ان تركه فعاد.. الی ما أتی من أجله.. غیر عابی ء و لا معتنی.


[1] صحيح الترمذي ج 2 ص 209، ابن جرير الطبري في تفسيره ج 22 ص 5، الحاكم في مستدرك الصحيحين ج 3 ص 158، أحمد بن حنبل في مسنده ج 3 ص 252، ابن الاثير في اسدالغابة ج 5 ص 521. المتقي في كنزالعمال ج 7 ص 103. و ذكره أيضاً السيوطي في الدر المنثور في تفسير آية التطهير في سورة الاحزاب، (و قال) أخرجه (ابن المنذر والطبراني و ابن مردويه).

[2] المائدة آية 33.

[3] الواحدي في أسباب النزول ص 267، الطحاوي في مشكل الآثار ج 1 و بطريقين في ج 1 ص 322 و ص 334، صحيح الترمذي ج 2 ص 209، الطحاوي في مشكل الاثار أيضاً ج 1 ص 335، ابن الاثير الجوزي في أسدالغابة ج 2 ص 12، ابن جرير الطبري في تفسيره ج 22 ص 6 و في ص 7، صحيح الترمذي ايضاً ج 2 ص 319، أحمد بن حنبل في مسنده ج 6 ص 306، اسدالغابة أيضاً ج 4 ص 29، تهذيب التهذيب ج 2 ص 297، محب الدين الطبري ص 21، مستدرك الصحيحين ج 2 ص 416، السيوطي في الدر المنثور في تفسير آية التطهير في سورة الاحزاب ج 5 ص 198 و ص 199، تاريخ بغداد ج 9 ص 126، أيضاً أسدالغابة ج 5 ص 521، و أخرجه أيضاً (البخاري) و (الطبراني)، و (ابن مردويه).

[4] و قد زاد محب الدين الطبري في آخر حديثه هذا في ص 23.. (قال) اخرجه (ابن القباني في مجمعه، و السيوطي في الدر المنثور، و ابن جرير، و ابن المنذر و ابن حاتم والطبراني و ابن مردويه عن أُم سلمة).

[5] صحيح مسلم في كتاب فضائل الصحابة، الحاكم في مستدركه ج 3 ص 147، البيهقي في سننه ج 2 ص 149، ابن جرير في تفسيره ج 22 ص 5، الدر المنثور للسيوطي، الزمخشري والكشاف في تفسير آية المباهلة، و هكذا رواها الفخر الرازي و قال: (واعلم أن هذه الرواية كالمتفق علي صحتها بين أهل التفسير والحديث.

[6] صحيح الترمذي ج 2 ص 209، اسدالغابة ج 2 ص 12، مستدرك الصحيحين ج 3 ص 108 و ص 147، السيوطي ج 5 ص 198- 199، مسند أحمد ج 1 ص 330 و ج 4 ص 107، المتقي في كنزالعمال ج 7 ص 92، صحيح مسلم ج 3 ص 147، الطحاوي ج 1 ص 336، خصائص النسائي ص 4، تاريخ بغداد ج 10 ص 278، ابن جرير الطبري ج 32 ص 5، اسدالغابة ج 3 ص 413.

[7] نقلها المغازلي في مناقب بن أبي طالب ص 306 رقم الحديث 351، عن الشاعر (يعقوب بن حميد).

[8] الامامة والسياسة ج 1 ص 13، أعلام النساء ج 3 ص 1206، الامام علي لعبد الفتاح عبدالمقصود ج 1 ص 225.